كيف نرى حرارة الأرض من الفضاء؟
منذ عقود، لعبت أقمار لاندسات (Landsat) دوراً محورياً في مراقبة كوكبنا. ومع تطور الأجيال الأخيرة، تم تزويدها بجهاز استشعار متقدم يُعرف باسم TIRS (Thermal Infrared Sensor)، الذي مكّن العلماء من قياس درجة حرارة سطح الأرض بدقة غير مسبوقة. لكن، كيف يعمل هذا المستشعر؟ ولماذا يُعتبر من أهم الأدوات الفضائية لمواجهة تحديات مثل التغير المناخي وإدارة الموارد؟
ما هو جهاز TIRS؟
جهاز الأشعة تحت الحمراء الحرارية (TIRS) هو أداة متخصصة ضمن أقمار لاندسات (ابتداءً من لاندسات 8). يقوم بقياس الإشعاع الحراري الصادر من سطح الأرض في نطاق الأشعة تحت الحمراء غير المرئية للعين البشرية.
-
كل جسم على الأرض، سواءً كان ماءً أو تربة أو نباتاً، يُصدر حرارة.
-
يلتقط TIRS هذه الحرارة عبر نطاقين (Band 10 و Band 11) ثم يحولها إلى صور رقمية عالية الدقة يمكن تحليلها.
كيف يعمل TIRS؟
يعتمد المستشعر على تقنية متقدمة تُعرف باسم كواشف الأشعة تحت الحمراء الكمومية (QWIPs). هذه الكواشف قادرة على التقاط الأطوال الموجية الحرارية بدقة عالية.
-
كلما زادت حرارة الجسم، زاد إشعاعه في نطاق الأشعة تحت الحمراء.
-
يترجم TIRS هذه الانبعاثات إلى بيانات تُظهر توزيع الحرارة على سطح الأرض.
الأطوال الموجية والفرق الحرارية عبر تاريخ لاندسات
لم تتضمن الأجيال الأولى من لاندسات (1–3) نطاقاً حرارياً. لكن منذ عام 1982 تمت إضافة هذا النطاق، مع تحسينات متتالية عبر الإصدارات.
جدول نطاقات الأشعة تحت الحمراء الحرارية عبر أقمار لاندسات:
| المهمة | الفرق الحرارية | الطول الموجي (μm) |
|---|---|---|
| لاندسات 4 | الفرقة 6 | 10.40 – 12.50 |
| لاندسات 5 | الفرقة 6 | 10.40 – 12.50 |
| لاندسات 7 | الفرقة 6 | 10.40 – 12.50 |
| لاندسات 8 | الفرقة 10 و11 | 10.60 – 11.19 / 11.50 – 12.51 |
| لاندسات 9 | الفرقة 10 و11 | 10.60 – 11.19 / 11.50 – 12.51 |
مع إضافة TIRS-1 وTIRS-2، أصبحت القياسات أكثر دقة، ما أتاح تتبع تغيرات درجة حرارة السطح بشكل موثوق.
التطبيقات العملية لمستشعر TIRS
لا يقتصر دور TIRS على قياس الحرارة فحسب، بل يفتح آفاقاً واسعة في مجالات مختلفة:
-
مراقبة التربة الصقيعية (Permafrost): يساعد في الكشف عن ذوبان الصقيع الدائم والتنبؤ بإطلاق غاز الميثان.
-
رصد البراكين النشطة: يتتبع أنماط الحرارة للتنبؤ بالانفجارات البركانية.
-
الزراعة الذكية: يوفر بيانات حيوية للمزارعين لإدارة الري، واكتشاف إجهاد النباتات، وتحسين الإنتاجية.
-
التغير المناخي: يساهم في متابعة اتجاهات الاحترار العالمي عبر قياسات دقيقة لسطح الأرض.
-
إدارة المياه: أداة أساسية لرصد استهلاك المياه، وتحديد مناطق الإفراط في الاستخدام، ووضع خطط للحفاظ على الموارد في المناطق القاحلة.
هل يحتوي Sentinel-2 على مستشعر حراري مثل TIRS؟
لماذا TIRS مهم للمستقبل؟
بفضل TIRS، أصبح لدينا أداة قادرة على:
-
فهم التغيرات المناخية ورصد ارتفاع درجات الحرارة.
-
دعم المزارعين بتقنيات الري الحديثة.
-
مساعدة الحكومات في التخطيط المستدام لإدارة المياه.
-
مراقبة الظواهر الطبيعية التي قد تشكل خطراً على البشر.
الفوائد الاستراتيجية لمستشعر TIRS
-
إدارة الكوارث الطبيعية
-
يوفر بيانات آنية تساعد الحكومات على اتخاذ قرارات سريعة أثناء الكوارث مثل الحرائق أو الانفجارات البركانية.
-
على سبيل المثال، يمكن رصد مناطق الجفاف الشديد وتوجيه فرق الإنقاذ إلى المناطق الأكثر عرضة للخطر.
-
-
تعزيز الأمن الغذائي العالمي
-
من خلال رصد صحة المحاصيل وكفاءة الري، يُمكّن TIRS المزارعين من تقليل الفاقد وزيادة الإنتاجية.
-
يساعد ذلك الدول على التخطيط لتأمين الغذاء بشكل أفضل وسط التغيرات المناخية.
-
-
رصد الموارد المائية
-
يسهم TIRS في تتبع درجات حرارة الأنهار والبحيرات، ما يكشف عن أماكن التلوث الحراري الناتج عن الأنشطة الصناعية.
-
هذه البيانات ضرورية لتخطيط مشاريع تحلية المياه وتوزيعها في المناطق الجافة.
-
-
التغيرات الحضرية
-
مع النمو السريع للمدن، يُستخدم TIRS لمراقبة ظاهرة "الجزر الحرارية الحضرية"، حيث تسجل المدن درجات حرارة أعلى من المناطق الريفية المحيطة.
-
التحديات التقنية لمستشعر TIRS
رغم تميزه، يواجه مستشعر TIRS بعض التحديات التقنية التي تعمل وكالة ناسا وشركاؤها على تحسينها:
-
المعايرة الحرارية:يحتاج المستشعر إلى ضبط مستمر أثناء وجوده في المدار لضمان دقة القراءات.
-
دقة البكسل:على الرغم من تحسين الدقة في لاندسات 8 و9، إلا أن الصور الحرارية أقل دقة مقارنة بالصور البصرية (100 متر مقابل 30 متر).
-
التكلفة التشغيلية:تطوير وصيانة TIRS مكلف، خاصة أن عمر الأقمار الصناعية محدود وقد يتطلب إطلاق بدائل بشكل دوري.
المقارنة بين TIRS وأجهزة أخرى
لنفهم مكانة TIRS، من المفيد مقارنته مع أدوات أخرى:
-
TIRS (لاندسات 8 و9): يوفر نطاقين حراريين بدقة 100 متر، مثالي لدراسة الزراعة والموارد المائية.
-
ASTER (تيرا): يوفر 5 نطاقات حرارية بدقة 90 متراً، لكنه أقل استمرارية في المراقبة مقارنة بلاندسات.
-
Sentinel-2: يفتقر إلى نطاق حراري، مما يحد من قدرته على رصد حرارة السطح، لكنه يتفوق في الأطياف المرئية والقريبة من الأشعة تحت الحمراء.
أمثلة عملية من استخدامات TIRS
-
إدارة نهر النيل: تم استخدام بيانات TIRS لدراسة استهلاك المياه الزراعية على طول حوض النيل.
-
مراقبة ذوبان الجليد في القطب الشمالي: ساعد في كشف مناطق ذوبان متسارع تهدد بانبعاث الميثان.
-
التخطيط الزراعي في كاليفورنيا: اعتمد المزارعون على بيانات TIRS لتحديد كفاءة شبكات الري وسط موجات الجفاف.
-
رصد براكين هاواي: ساعد المستشعر في التنبؤ بثورات بركانية من خلال قياس التغير في درجات حرارة الحمم.
يمثل جهاز TIRS على أقمار لاندسات ثورة حقيقية في مجال الاستشعار الحراري من الفضاء. لقد تحول من مجرد أداة علمية إلى أداة استراتيجية لمواجهة تغير المناخ، ضمان الأمن الغذائي، وحماية الموارد المائية.
ومع استمرار تطور الأقمار الصناعية، ستزداد دقة بيانات TIRS، مما سيمكن البشرية من رؤية حرارة الأرض بشكل أوضح والتصرف بسرعة لمواجهة التحديات البيئية والإنسانية المقبلة.
%20on%20Landsat.jpg)
%20on%20Landsat%20(1).jpg)
%20on%20Landsat%20(2).jpg)
إرسال تعليق